مخترع تركماني يقدِّم طرقاً جديدة لإعادة تدوير نفايات المطاط والبلاستيك
بقلم جينادي جاليفانوف، محامي براءات، عشق أباد، تركمانستان؛ انطلاقاً من الحاجة الملحة لمعالجة التلوث البيئي
الذي تحدثه النفايات الصناعية والمنزلية، دأب إلدار رزاييف وهو رائد أعمال تركماني شاب، على استكشاف طرق لتحويل القمامة إلى مواد خام ثانوية لتصنيع منتجات مفيدة اقتصادياً. وقد أولى تركيزاً خاصاً في عمله لتحويل مواد النفايات البلاستيكية والمطاطية، بما في ذلك الإطارات البالية.

الطبيعة التقنية للمشكلة
تمثل إعادة تدوير النفايات إلى مواد خام ثانوية تُستخدم في صناعة منتجات جديدة حلاً جذاباً وإن كان يطرح تحديدات. ويحتاج التخلص من المطاط إلى بذل جهود شاقة على نحو خاص. يتحلل المطاط المستهلك ببطء شديد حيث يمكن أن يستغرق 100 عام. وفضلاً عن ذلك، ينجم عن التخلص من المطاط مستويات عالية من تلوث الهواء، حيث ينتج عن كل طن من نفايات المطاط المحروقة أكثر من 250 كيلو جرام من السخام وأكثر من 400 كيلو جرام من الغازات السامة. وتُشكل أيضاً الكمية الكبيرة من نفايات المطاط شديدة الاشتعال في مواقع مدافن النفايات مشكلات بيئية وصحية كبيرة وتُوجد موطناً مناسباً للقوارض والحشرات التي يُعد الكثير منها مصادر للأمراض المعدية الخطيرة.
لما يزيد عن قرن من الزمان، باءت محاولات إعادة إنتاج المنتجات المطاطية المستخدمة بالفشل، ويُعزى ذلك أساسًا إلى أنها مصنوعة من البوليمرات المتصلبة بالحرارة التي لا تذوب عادةً عند تسخينها. وعلى هذا النحو، فإن القدرة على تحويل مواد النفايات هذه إلى مواد أولية لتصنيع منتجات مطاطية جديدة ظلت أمرًا بعيد المنال.
وتخلق التغيرات التي تطرأ على مشهد السياسات حوافز لإعادة تدوير نفايات المطاط
عادةً ما كانت تُحرق المنتجات المطاطية المستهلكة فيما مضى. تماشياً مع توجيه الاتحاد الأوربي بشأن مدافن النفايات 1999/31/EC ، حظر الاتحاد الأوروبي في 2003 حرق المطاط المستهلك والتخلص من الإطارات عن طريق إرسالها إلى مدفن النفايات. وبعد مرور ثلاث سنوات، تم حظر التخلص من المطاط المستهلك في عام 2006 أيضاً (بما في ذلك الإطارات الممزقة) في مواقع دفن النفايات. وتعمل منظمات مثل الرابطة الأوربية لمصنعي الإطارات والمطاط (ERTMA) مع صناع السياسات؛ من أجل خلق بيئة تنظيمية داعمة للمستهلكين والسائقين وصناعة الإطارات الأوربية.
دفعت هذه التغييرات في القانون الأوربي الكثير من البلدان لبناء مصانع معالجة لتحويل نفايات المطاط إلى فتات المطاط (من الإطارات التي انتهى عمرها التشغيلي)، باستخدام عملية لا تغير التركيب الكيميائي للمواد. تُدمج فتات المطاط بعد ذلك مع لواصق بوليمر؛ مواد مقوية، لاصق البولي يوريثان، بوليمر كيميائي غير متجانس؛ لتصنيع أسطح طرق ومواد بناء متنوعة. إلا أن استخدام هذه اللواصق مكلف للغاية ويزيد بشكل كبير من تكلفة تحويل النفايات إلى منتجات للاستخدام اللاحق. ولهذا السبب، يقل معدل معالجة منتجات المطاط المستهلك بكثير عن معدل تراكم نفايات المطاط. تشير البيانات الأخيرة إلى أنه يجري إنتاج حوالي مليار إطار مستهلك تقريباً على مستوى العالم (حوالي 17 مليون طن) كل عام، وإرسال 75 في المائة من الإطارات التي انتهى عمرها التشغيلي إلى مدفن النفايات.
على مدار 25 عاماً الماضية، كان هناك حوافز عديدة لتشجيع إعادة تدوير المطاط المستهلك وجاءت النتائج إيجابية. على سبيل المثال، جمعت بلدان على غرار النرويج وصربيا وسويسرا وتركيا ودول أعضاء بالاتحاد الأوربي أكثر من 90 بالمائة من الإطارات المستهلكة وعالجتها في 2018؛ ويمثل ذلك زيادة تناهز 4 بالمائة عن النسب المسجلة في 2017.
خلط نفايات المطاط والبلاستيك: فكرة جديدة لخفض التكاليف
في ظل الارتفاع العالمي المتوقع في إنتاج الإطارات، يُتوقع أن يرتفع الإنتاج من 2.1 مليار إطار في 2020 إلى 9 مليارات إطار في 2029 وفقاً لمنظمة غارنر إنسايت، يقدم سوق إعادة تدوير الإطارات فرص عمل ونمو.
أدى الإقرار بهذه الفرصة فضلاً عن الحاجة إلى خفض تكلفة إعادة تدوير المطاط والتكلفة العالية للواصق البوليمر، إلى تحفيز إلدار ريزاييف من أجل البدء في إيجاد طرق جديدة لإعادة تدوير نفايات المطاط والبلاستيك وتحويلها إلى منتجات مفيدة. وبعكس نفايات المطاط، تتكون نفايات البلاستيك من البوليمرات اللدنة بالحرارة التي تنصهر عند إعادة تسخينها ويمكن إعادة استخدامها بسهولة نسبية لإنتاج منتجات نافعة مختلفة.
دأب السيد إلدار ريزاييف، وهو رائد أعمال تركماني شاب، على استكشاف سبل التصدي للتلوث البيئي عن طريق تحويل مواد النفايات البلاستيكية والمطاطية إلى مجموعة متنوعة من المنتجات المفيدة.
بدأ السيد ريزاييف تقصي إمكانية الجمع بين البوليمرات المتصلبة بالحرارة (إحدى خصائص نفايات المطاط، التي لا تنصهر عند تسخينها) مع البوليمرات اللدنة بالحرارة (إحدى خصائص النفايات البلاستيكية، التي تنصهر عند تسخينها) لتشكيل مجموعة متنوعة من المنتجات الجديدة من الخليط المنصهر الناتج عن هذا الجمع. بدأ في اختبار فكرته باستخدام متعدد تيريفثالات الإيثيلين (PET) المستخلص من الزجاجات البلاستيكية والحاويات الأخرى التي نستخدمها يومياً. كان هذا قراراً سهلاً، حيث أظهر البحث الذي أجراه أن ما يزيد عن 80 بالمائة من جميع النفايات المنزلية الصلبة المصنوعة من المطاط والبلاستيك لا يُعاد تدويرها، وتمثل مواد خام قيمة محتملة لإنتاج مجموعة متنوعة من المنتجات المفيدة.
فاقت نتائج هذه التجربة كل التوقعات. عند مزجه مع فتات المطاط وتسخينه في جهاز بثق عند درجة حرارة تتراوح بين 220 و240 درجة مئوية، أحدث متعدد تيريفثالات الإيثيلين المطحون تفاعلاً كيميائياً أدى إلى تشكيل خليط من البوليمر والمطاط يمكن استخدامه في تشكيل مجموعة متنوعة من مواد الأرضيات التي تتسم بالصلابة والمتانة بخصائص مضادة للانزلاق، بما في ذلك البلاط والألواح الرقيقة والدواسات والسجاد وبساط للصالات الرياضية وملاعب الأطفال.

وبخلاف عملية جمع فتات المطاط مع لواصق البوليمر المتبعة عادةً، تدمج عملية السيد رزاييف فتات المطاط المنصهرة مع متعدد تيريفثالات الإيثيلين المنصهر لتكوين خليط جديد بخصائص قيمة إضافية.
لتحسين عملية البلمرة المركبة، يضبط المخترع العملية التقنية وفقاً للخصائص المحددة لكل منتج مستهلك يُستخدم لتكوين الخليط المنصهر، الذي يمر بعد ذلك من خلال جهاز بثق ثلاثي الأقسام إلى مجموعة من القوالب لمنافذ مختلفة.
يبرز حل السيد ريزايف في أنه ينتج مزيجاً منصهراً بخصائص جديدة وغير مسبوقة ولم تكن معروفة من قبل. وأصبحت عملية تحويل نفايات المطاط والبلاستيك إلى منتجات منزلية وبناء مفيدة أكثر فعالية من حيث التكلفة والكفاءة بفضل هذا الإنجاز.

وواصل السيد ريزاييف، مدعوماً بنجاحه، استكشاف طرق جديدة لإعادة تدوير نفايات المطاط باستخدام أنواع أخرى من البلاستيك، التي توجد بإمدادات وفيرة، بما في ذلك البولي إيثيلين والبوليسترين والبولي بروبيلين، وأكمل العديد من الدراسات التقنية حول مصنفه. ويُقدّر تقرير عام 2018 الصادر عن برنامج الأمم المتحدة للبيئة أن نفايات البلاستيك العالمية تصل إلى 300 مليون طن كل عام تقريباً، وينتهي الكثير منها في مواقع طمر النفايات. ويساعد السيد ريزاييف في حل تحدي عالمي رئيسي لإعادة التدوير من خلال مصنفه. ونجح في حل المهمة المزدوجة بالغة الأهمية لإعادة تدوير النفايات البلاستيكية المطاطية في حين فشل العديد من العلماء والمخترعين. ويعتبر حله المبتكر خطوة مهمة نحو معالجة المشكلة العالمية للنفايات الصناعية والمنزلية.
البراءات التي استند إليها الاختراع
أسفر مصنف السيد ريزايف عن منح البراءات من دائرة الملكية الفكرية التابعة لوزارة المالية والاقتصاد في دولة تركمانستان (براءات رقم 608 و628) والمكتب الأوروبي الآسيوي للبراءات (البراءات الأوروبية الآسيوية رقم 028388 و033283). وقد دمج الآن هذه العمليات المحمية بموجب براءات بالكامل في عمليات الأعمال، وينتج المنتجات المطاطية والبلاستيكية المُعاد تدويرها على نطاق واسع.
وعلى الرغم من جائحة فيروس كورونا، تمكن السيد ريزاييف وطاقم عمله البالغ عدده 14 موظفاً من إنتاج منتجات وبيعها بقيمة تزيد على 10 ملايين مانات (حوالي 28.6 مليون دولار أمريكي). ويواصل المخترع النهوض بمصنفه العلمي والتجريبي استجابةً للطلب القوي على المواد المشتقة من النفايات التي ينتجها من شركات البناء والرياضة والمنظمات الأخرى.
يواصل السيد ريزاييف استثمار وقته وطاقته في استحداث فرص جديدة مثيرة للاهتمام لإعادة توظيف مواد النفايات في العالم.
ودخل السيد ريزاييف، الذي يحرص على ترخيص تقنيته، بالفعل في مفاوضات أولية مع العديد من الشركات في الاتحاد الروسي. وتمكن من الحصول على براءة اختراع لهذه التقنيات في عدد محدود من الدول فقط بسبب القيود المالية، ولكن مع تحسن وضعه المالي، يأمل أن يتمكن من حمايتها بشكل أوسع.
يواصل السيد ريزاييف استثمار وقته وطاقته في استحداث فرص جديدة مثيرة للاهتمام لإعادة توظيف مواد النفايات في العالم. ويجري إعداد عدد من التقنيات الجديدة التي تجمع بين أنواع مختلفة من النفايات والمواد الجديدة، مثل رمال الكثبان الهلالية من صحراء كارا كوم في تركمانستان، لخفض التكاليف وصناعة منتجات أقوى وأكثر مرونة، بما في ذلك عوارض السكك الحديدية، وحواجز مراسي البحار والأنهار، والعوازل الكهربائية، ومنتجات الطرق والسجاجيد المبطنة بالإسفنج وحصائر رياضية أكثر متانة.
الغرض من مجلة الويبو مساعدة عامة الجمهور على فهم الملكية الفكرية وعمل الويبو، وليست المجلة وثيقة من وثائق الويبو الرسمية. ولا يراد بالتسميات المستخدمة وبطريقة عرض المادة في هذا المنشور بأكمله أن تعبر عن أي رأي كان من جهة الويبو بشأن الوضع القانوني لأي بلد أو إقليم أو منطقة أو سلطاتها أو بشأن تعيين حدودها أو تخومها. ولا يراد بهذا المنشور أن يعبر عن آراء الدول الأعضاء أو أمانة الويبو. ولا يراد بذكر شركات أو منتجات صناعية محددة أن الويبو تؤيدها أو توصي بها على حساب شركات أو منتجات أخرى ذات طبيعة مماثلة وغير مذكورة.