10-08-2023
السيدة ميريا سانتي هي شابة من شعب أصلي يبلغ عمرها 17 عاماً وتعيش في مجتمع أمازانغا المحلي الصغير في مقاطعة باستازا في إكوادور. وتنحدر من عائلة لها تاريخ عميق الجذور فيما يتعلق بحماية أمنا الأرض والمعارف الجماعية التي تتوارثها الأجيال. وتمثل السيدتان ميريا سانتي وفيرونيكا غواتاتوكا مجتمعهما المحلي، وتشاركان في برنامج الويبو للتدريب والتوجيه والمواءمة بشأن الملكية الفكرية لفائدة رائدات الأعمال من الشعوب الأصلية والمجتمعات المحلية في بوليفيا وكولومبيا وإكوادور وبيرو 2022-2023 (برنامج الملكية الفكرية لمنطقة الأنديز).
والسيدة ميريا هي جزء من مجتمعها المحلي الذي أسسه جدها قبل 27 عاماً. وعلى الرغم من التحديات، ظل مجتمعها المحلي قوياً ومتحداً، وألّف روحاً من المرونة الجماعية مكنته من التغلب على العقبات والحفاظ على هويته الثقافية.
وقد تربّت السيدة ميريا على يد أمها الوحيدة المحبّة والداعمة التي كانت تعمل في مجال السياحة وتصنّع منتجات حرفية إلى جانب نساء أخريات في المجتمع المحلي. وكانت البداية كعمل تجارية سياحي وتحوّل مع مرور الوقت إلى مجموعة من النساء الحرفيات اللاتي يصنّعن قطعاً جميلة وذات مغزى. ومن خلال الفن، وجدت هؤلاء النسوة مساحة آمنة للتعبير عن مشاعرهن وتبادل قصصهن ودعم بعضهن البعض في الأوقات العصيبة.
لقد قررت النساء تشكيل مجموعة من الحرفيات يعبرن فيها عن مشاعرهن ويروين قصصهن ويضحكن معاً بينما يصنعن منتجات حرفية. وفي بعض الأحيان، إذا شعرت إحدى النساء بالحزن، فإنها تخبر الجميع، ومعاً يمكنهن أن يساعدن بعضهن البعض.
ميريا سانتي
وقد تخرجت السيدة ميريا من المدرسة الثانوية مؤخراً وتحلم بإكمال دراستها. وعلى الرغم من أنه لم تُتح لها فرصة الذهاب إلى الجامعة بعد، فإنها تود العمل في مجال العلاقات الدولية أو اللغات. ومع ذلك، ونظراً إلى بعض الظروف، فإنها تنظر في دراسة مجال التواصل في مقاطعتها. ويدفعها إصرارها وروحها الكفاحية إلى إيجاد حلول من أجل الاستمرار في النمو والتعلم.
وقرّرت السيدة ميريا التي لديها روح قيادية بالفطرة أن تأخذ زمام المبادرة وتحيي الأعمال التجارية المجتمعية في مجتمع أمازانغا، وهو ما اضطرت إلى القيام به من الصفر بسبب جائحة كوفيد-19. ونجحت السيدة فيرونيكا غواتاتوكا، وهي عضو نشط آخر في المجتمع المحلي وزميلة مشاركة في برنامج الملكية الفكرية لمنطقة الأنديز، والسيدة ميريا، في جمع المزيد من النساء والشباب المهتمين بالإبقاء على التقليد الحرفي حياً. وشرحت السيدة ميريا قائلة إنهما تمكنتا من تعلم التقنيات اللازمة لصنع المجوهرات باستخدام التصاميم التي يتميز بها مجتمعهما المحلي من خلال الجلوس مع عماتهن وخالاتهن وجداتهن. وهما تصنّعان حالياً قلادات وأساور وأقراط وأكسسوارات للشعر جميلة باستخدام الخرز والبذور والريش، إلى جانب نساء أخريات من مجتمع أمازانغا. والقطع مليئة بالألوان الزاهية والرموز التي تعبر عن حب المرأة للأرض ولثقافتها.
وإضافة إلى إنتاج الفنون، تشارك السيدة ميريا بنشاط في المبادرات المجتمعية والجماعية التي تضم شباب الشعوب الأصلية على المستويين المحلي والوطني. وقد أثرت هذه المبادرات رحلتها ومكنتها من تبادل المعارف مع شباب من مختلف المناطق ممن يشاطرونها الرغبة في إنشاء وتعزيز المبادرات التي تعود بالفائدة على مجتمعاتهم المحلية وتقوي ارتباط الأجيال الجديدة بجذورها.
وخلال برنامج الملكية الفكرية لمنطقة الأنديز، أُتيحت للسيدة ميريا فرصة الالتقاء بنساء أخريات من الشعوب الأصلية من بوليفيا وكولومبيا وإكوادور وبيرو. وفي هذا الاجتماع، عرضت المشاركات التحديات والتجارب التي مكنتهن من التعلم بعضهن البعض وتعزيز أواصر التضامن.
يمكنني أن أشعر بدفء كل النساء (في برنامج الملكية الفكرية لمنطقة الأنديز)، على الرغم من أنني لم أكن قد التقيت بهن قط. وأدركت أن لدينا شيئاً مشتركاً، مثل تاريخنا، الذي ساقنا إلى هناك. وقد كنت الأصغر سناً في المجموعة، ولكن الاختلاف العمري لم يكن الأمر المهم، بل الطريقة التي تعلمنا بها الارتباط ببعضنا بعضاً وربط تاريخنا وتجاربنا. لقد كانت تجربة لم أعشها من قبل قط.
ميريا سانتي
ولم يقدم لها برنامج الملكية الفكرية لمنطقة الأنديز معلومات عملية عن الملكية الفكرية فحسب، بل مكنها أيضاً من وضع اقتراح لنموذج تجاري واستراتيجية للملكية الفكرية من أجل عملها التجاري المجتمعي. وحصلت السيدة ميريا على أدوات لعرض أعمالها المجتمعية بكل بساطة وفعالية من خلال وسائط الإعلام الرقمية ورواية القصص.
وبفضل برنامج الملكية الفكرية لمنطقة الأنديز، تلقت السيدة ميريا أيضاً الدعم من أحد الموجهين ذوي الخبرة الواسعة في مجال الملكية الفكرية والأعمال التجارية، وهو ما كان عاملاً رئيسياً في تطوير عملها التجاري المجتمعي. وإلى جانب هذا الموجه، تعمل السيدتان ميريا وفيرونيكا على وضع علامة جماعية وإدخال منتجاتهن إلى السوق، بالتوازي مع الحفاظ على الحب والرمزية الكامنين وراء كل قطعة.
ويكمن حلمها في مواصلة النمو ورؤية النساء والشابات يشاركن في عملها التجاري المجتمعي، مما يؤدي بالتالي إلى الإبقاء على التقليد الحرفي حياً والحفاظ على معارف أسلافهن. والسيدة ميريا مثال على المرونة والقيادة، وهي تظهِر أننا عندما نحب ما نقوم به ونرتبط بجذورنا، يمكننا أن نساهم في مجتمعاتنا ونفيدها. ويشكل تفانيها ومثابرتها مناشدة للحفاظ على الهوية الثقافية حية، ولمواصلة الكفاح من أجل تحقيق عالم أكثر عدلاً ومساواة.