الجزائر تؤكد طموحها في تعزيز مكانتها في المشهد العالمي للابتكار

نظّمت اللجنة الوطنية المشتركة بين القطاعات والمكلّفة بمؤشر الابتكار العالمي، يومي 30 نوفمبر و1 ديسمبر 2025، مؤتمراً حول الابتكار، بالاشتراك مع المنظمة العالمية للملكية الفكرية (الويبو). وتندرج هذه الفعالية، التي أقيمت في الجزائر العاصمة تحت شعار ”الجزائر في المشهد العالمي للابتكار“، في إطار مسعى وطني يهدف إلى إدراج البلاد في قائمة الفاعلين الناشئين في النظام الإيكولوجي العالمي للابتكار، مع تعزيز الروابط بين المؤسسات الحكومية ومراكز البحث والجامعات والشركات الناشئة.

الصورة: مركز تنمية التكنولوجيات المتطورة

وكان هذا المؤتمر يهدف أيضاً إلى بحث منهجية مؤشر الابتكار العالمي وسُبل تحسين تصنيف البلد ليعكس الجهود المبذولة والتطورات المسجّلة في السنوات الأخيرة. وكانت هذه المسألة محور المناقشات التي دارت بين المدير العام للويبو، السيد دارين تانغ، والمسؤولين الجزائريين خلال زيارته الأخيرة إلى الجزائر. وقد تعهّد المدير العام بإتاحة خبرة الويبو في هذا المجال وتقديم المشورة للجزائر بشأن السُبل والوسائل الكفيلة بجعل مؤشر الابتكار العالمي أداةً للارتقاء بمستوى الابتكار.

وافتتح المؤتمر السيد خير الدين بن عيسى، الأمين العام بوزارة الصناعة، الذي أكّد في كلمته الافتتاحية عزم الجزائر الراسخ على تعزيز النظام الإيكولوجي للابتكار، وذكّر بالجهود المبذولة لتحسين المناخ الصناعي. كما أوضح أن هذا اللقاء يهدف إلى ”تعزيز التنسيق بين القطاعات من أجل دعم الابتكار في الجزائر وتسليط الضوء على إنجازاتها على الساحة الدولية“.

وأكّد مدير المكتب الخارجي للويبو في الجزائر، السيد محمد السالك أحمد عثمان، أن الجزائر تتمتع بإمكانات هائلة بفضل ميزتها الديموغرافية المتمثلة في شبابها المتعلّم والمبدع والمفعم بالحيوية، فضلاً عن شبكتها الجامعية الواسعة وإنتاجها العلمي الذي يضعها في مصاف البلدان الأكثر نشاطاً في العالم العربي من حيث الدراسات المنشورة.

الصورة: مركز تنمية التكنولوجيات المتطورة

أما السيد ساشا وونش-فينسنت، رئيس قسم بحوث المؤشرات المركبة في الويبو، فقد أشار إلى أن الابتكار ”عملية طويلة الأمد لا تظهر نتائجها على الفور“، ودعا إلى ”إشراك القطاع الخاص في تمويل البحث والتطوير“.

مؤتمر استراتيجي بالنسبة لمستقبل البلد التكنولوجي

جمع هذا اللقاء مسؤولين حكوميين ينتمون إلى قرابة عشرة من الوزارات والباحثين ورواد الأعمال وأصحاب المشاريع الابتكارية. وكان هدفه تعزيز التنسيق بين القطاعات من أجل دعم الابتكار في الجزائر، وتحسين تقييم إنجازاتها على الساحة الدولية، وزيادة إبراز مكانتها الدولية.

ومن خلال سلسلة من حلقات النقاش والمعارض، تناول المشاركون قضايا التحول التكنولوجي وتطوير الملكية الفكرية وآليات دعم الشركات الناشئة الابتكارية. وقد أتاحت الأجنحة القطاعية التي نُظمت في مركز تنمية التكنولوجيات المتطورة ومركز Algeria Venture عرض أعمال بحثية ونماذج تكنولوجية وحلول مطورة محلياً، مما يُبرز حيوية النسيج العلمي الوطني.

الصورة: مركز تنمية التكنولوجيات المتطورة

الويبو، شريك رئيسي في هيكلة النظام الإيكولوجي الجزائري

تجسّد مشاركة الويبم شراكة استراتيجية قائمة منذ سنوات عديدة. وقد ساهم افتتاح مكتب خارجي للويبو في الجزائر مؤخراً في تعزيز هذا التعاون، من خلال توفير الدعم المؤسسي لحماية الإبداعات، وتشجيع الابتكار، ونشر ثقافة الملكية الفكرية.

وتُعد الجزائر شريكًا يتمتع بإمكانات كبيرة: شباب بأعداد كبيرة، ومؤسسات جامعية حيوية، وزيادة ملحوظة في إيداعات طلبات البراءات ومبادرات ريادة الأعمال. وكان الهدف من المؤتمر أيضاً مساعدة البلد على اكتساب بيانات إحصائية موثوقة تتوافق مع المعايير الدولية ويمكنها تحسين مرتبته في مؤشر الابتكار العالمي.

نحو مركز أفضل في مؤشر الابتكار العالمي

تم تخصيص اليوم الثاني لاجتماع عقدته اللجنة الوطنية المشتركة بين القطاعات والمكلّفة بمؤشر الابتكار العالمي، وعرض خلاله السيد وونش-فينسنت منهجية إعداد ذلك المؤشر. واتفق المشاركون على أن مؤشر الابتكار العالمي يُعد أداة قياس وتنافسية دولية ذات قيمة كبيرة، وأن تحسين مكانة الجزائر في ذلك التصنيف لن يعكس الجهود الوطنية فحسب، بل سيجذب المزيد من الاستثمارات الأجنبية ويعزّز ثقة الشركاء الاقتصاديين.

وشدّد المشاركون أيضاً على أن التقدم في مؤشر الابتكار العالمي يعتمد على عوامل مثل ما يلي:

  • تثمين نتائج البحث؛
  • وتعزيز البنى التحتية للابتكار؛
  • وحماية الملكية الفكرية بفعالية؛
  • وتحفيز ريادة الأعمال التكنولوجية.

وكلها مجالات تُظهر فيها الجزائر إرادة سياسية متزايدة.

وتم توسيع نطاق هذا الاجتماع (بشكل افتراضي)، في جزئه الثاني، ليشمل منظمات دولية أخرى تساهم في جمع البيانات المستخدمة في مؤشر الابتكار العالمي. وتناولت المناقشات ضرورة توفير إحصاءات موثوقة ومحدّثة.

الصورة: مركز تنمية التكنولوجيات المتطورة

منعطف حاسم بالنسبة للمبتكرين الشباب والاقتصاد الوطني

بلقد كان المؤتمر، بالنسبة للباحثين الشباب وأصحاب المشاريع والشركات الناشئة، فرصة سانحة لعرض أعمالهم والالتقاء بخبراء محليين ودوليين والاطلاع على آفاق التعاون. وتُظهر المبادرات المعروضة تنوعاً في الابتكارات: تكنولوجيات رقمية أو حلول صناعية أو مشاريع في مجال الطاقة أو ابتكارات اجتماعية أو إبداعات نابعة من الصناعات الثقافية.

وتستجيب هذه الديناميكية لطموح أوسع نطاقاً وهو تنويع الاقتصاد الوطني بما يتجاوز القطاعات التقليدية، وتعزيز السيادة التكنولوجية، وجعل الابتكار محرّكاً مستداماً للتنمية.

خطوة أخرى نحو جزائر مُبدعة وتنافسية

يمثّل المؤتمر الوطني حول الابتكار خطوة مهمة في عملية تحديث النظام الإيكولوجي العلمي والتكنولوجي الجزائري. ومن خلال التعاون الوثيق مع الويبو ومضاعفة المبادرات لدعم الملكية الفكرية، تؤكّد الجزائر رغبتها في الانضمام بشكل مستدام إلى الحركة العالمية للابتكار.

وتتجلى تلك الرغبة في التوجهات الوطنية المحدّدة التي تهدف إلى تيسير مسار المبتكرين، وتعزيز هياكل دعم البحث وريادة الأعمال، وتشجيع الشراكات بين القطاعين العام والخاص، وجعل ثقافة الابتكار واقعاً ملموساً في الحياة اليومية.